Janvier
كانون الثاني
10
2025
10
- كانون الثاني
- 2025
المباحث العلمية
المختبر الجنائي
15-01-2022
 
قراءة الكف... جنائيّاً
الشيطان يكمن في التفاصيل
  جنان الخطيب  

هل تعلم أن يديك تخفيان أسراراً عن عملك الإجرامي؟ سأتمكّن من قراءة «يديك» وإخبارك ماذا تقولان. هذا بسيط، تعكس راحة يدك نشاطك الاجرامي، بينما تخبرنا أصابعك وأظافرك عن ضحيتك. بما أن عملية تقصي آثار اليدين إحدى أهم الطرق التي يلجأ إليها الخبراء الجنائيون، ستراهم يجلسون طويلاً أمام المشتبه بهم، يغوصون و يبحثون بدقة جنائية عالية عن الآثار و المواد والكدمات والجروح الموجودة على ظاهر اليد وراحتها والأصابع وتحت الأظافر. عند التعامل مع الجرائم المعقدة مثل الاغتصاب والاعتداء، يأخذ كل أثر دورًا أساسياً. غالباً ما تكون الأيدي الوسيلة الوحيدة للدفاع والهجوم لدى الضحية بالإضافة إلى كونها منطقة احتكاك متكرر بالبيئة. يبحث الخبراء في اليدين عن الآثار البيولوجية وغير البيولوجية ذات الأهمية الخاصة لإعادة بناء الجرائم، كما يحلّل الخبراء أشكال أنماط بقع الدم على ظاهر اليد وأحجامها لاستنتاج موقع واتجاه اليدين، وبالتالي اتجاه السلاح الناري. ويساعد تحليل مخلفات إطلاق النار على وجه الخصوص في تحديد ما إذا كانت الطلقة النارية قريبة أو بعيدة

(القوس)

◆  آثار تحت الأظافر: ليست حمضاً نووياً فقط
أثناء الاعتداء الجسدي، غالباً ما تؤدي المقاومة الدفاعية الى نقل الأدلة البيولوجية (الشعر، الدم، ...)  وغير البيولوجية (تراب، ألياف، ...) بين الضحية والمعتدي. على سبيل المثال، إذا خدشت الضحية المعتدي، فيمكن أن تحاصَر خلاياه الجلدية تحت أظافرها. ولذا يجمع الخبراء أدلة الأظافر، ويرسلونها إلى المختبر الجنائي. ومع أن أدلة الاظافر قد توفر مؤشرات مهمة في بعض التحقيقات، نادراً ما تُجمَع هذه الأدلة وتُعالَج وتُحلّل. 
تُجمع أدلة الأظافر بطرق مختلفة، قد تشمل قص الظفر أو مسحه من أسفل باستخدام مسحة صغيرة مبللة، أو كشط أسفل الظفر، باستخدام عود خشبي صغير. بمجرد جمعها، تُغلَّف أدلة الأظافر وتُنقَل إلى المختبر الجنائي، حيث تُحلَّل وتُعالَج. وكذلك، يُجرى الفحص المجهري للبحث عن علامات واضحة للمواد الخارجية مثل الدم، التربة، الشعر، الألياف. يمكن أيضاً العثور تحت أظافر أصابع الجاني على جزيئات دقيقة من الجلد ومستحضرات التجميل التي تكون قد انتقلت من ملابس الضحية أحياناً.
 

1 الجروح:
نجد في جرائم عنيفة عديدة أنّ أيدي الضحية والجاني مغطاة بالجروح الدفاعية، التي قد تحدث بشفرة السكين، أو العض أو الخدش. فالضحية ستحاول حماية وجهها وجسمها العلوي من هجوم المعتدي، فيما يجد الجاني أحياناً نفسه في الطرف المتلقي وسيتعين عليه الدفاع عن نفسه من الهجوم. 
يمكن أن تكون هذه الجروح ضحلة أو عميقة، طويلة أو قصيرة، وذات زاوية اعتماداً على كيفية اقتراب المهاجم من الضحية. فعلى الرغم من أن هذه الجروح قد تبدو للوهلة الأولى ليست أكثر من محاولة خندق أخيرة لإنقاذ النفس من الهجوم، إلا أنها مهمة أيضاً في تحديد الجاني إذا استمر الهجوم حتى نهايته.
يبحث الخبراء عن علامات الدفاع عن النفس على اليدين ويقومون بتصويرها وقياسها وبحساب عمقها. وفي المرحلة اللاحقة، يكون الخبير قادراً على بناء تحليل مفصل يتضمن ارتفاع الجاني، وربما وزنه، واتجاهه. كل هذه العوامل مهمة جداً عندما يتعلق الأمر ببناء صورة شخصية لمهاجم أو مغتصب متسلسل.

2 التربة:
يمكن العثور على التربة، والرمل، والطين والمواد الأخرى على أيدي الضحية والمشتبه به، وعلى الأدوات المستخدمة في الجريمة، وفي مسرح الجريمة.  توفّر هذه المواد أدلة ظرفية قيمة، ولكن غالباً يُتغاضى عنها لأن المحققين لا يدركون قيمتها الدلالية ولا الفحوصات المخبرية المتاحة لاستغلالها. يعثر الخبراء الجنائيون الكيميائيون على الاختلافات والتشابهات التفصيلية بين عينات من التربة أو الصخور التي ضُبطت، ما يجعلها مفيدة كدليل للمقارنة بين عينات من يد الضحية وأخرى على ملابس المشتبه به لتحديد ما إذا كان المشتبه به قد تواجدَ في مسرح الجريمة. يبحث هؤلاء عن مدى الاختلاف بين العينات من حيث التركيبة المعدنية، النباتات/البكتيريا، مؤشر الكثافة (Soil Denstiy)، ومؤشرات أخرى تُمكّنهم من تحديد مصدر العينات بدقة.

3 الشعر والالياف:
الشعر من أهم العينات في العلوم الجنائية، لأنّه يوفّر أدلة قيمة عن هوية المعتدي والضحية. غالباً ما يُستخدم الشعر تحت أظافر الضحية لتحديد عرق المعتدي وجنسه، كشعر العانة في جرائم الاغتصاب. ويمكن استخدام الشعر أحياناً لاستقراء الحمض النووي.
من ناحية أخرى، يمكن لوجود ألياف الملابس(fibers)  تحت الأظافر أن يساهم إسهاماً مهماً في تحديد ما كان يرتديه المهاجم أو القاتل وقت وقوع الحادث. يستخدم العديد من الخبراء الجنائيين الألياف كوسيلة لتحديد طبيعة العنصر الذي تم ارتداؤه .
في بعض الحالات تكون هذه التقنية ناجحة جداً بحيث يمكن تحديد نوع الملابس وبالتالي الشركة المصنعة،  ومن ثم تنتج قائمة بالمشتبه بهم المحتملين ببساطة من خلال عدد الوحدات المباعة.

(القوس)

◆  تناثر الدم يكمل القصة
يمكن أن توفر أنماط تناثر الدم على يدي الضحية والجاني معلومات حول كل من الأحداث التي وقعت، وعن مكان الضحية والجاني في وقت تناثر قطرات الدم. يمكن استخدام الدرجة التي تكون فيها القطرات مستطيلة الشكل لتحديد السرعة التي كان الدم يسير بها وقت الاصطدام، والشدة النسبية للضربة الموجهة للضحية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للخبراء تحديد اليد المطلقة للنار (على سبيل المثال، الرذاذ الدموي على ظاهر اليد دليل قوي على أن اليد اطلقت النار)، وهو أمر جوهري في جرائم الانتحار المفبركة.

كن شرلوك هولمز

بماذا تعتقد أن هذه اليد متورطة؟

شاركنا أفكارك عبر البريد الإلكتروني: jkhatibe@alqaous.com