الفحص الجنائي للمستندات Forensic Document Examination تخصص في علوم الأدلة الجنائية يقوم فيه الخبراء بدراسة المستندات المتنازع عليها في المحكمة. تتضمن هذه الدراسة تحليل ومقارنة الوثائق والتقييم المنهجي لسمات وخصائص المستند من أجل الكشف عن كيفية إعداده أو كيفية تعديله وتحديد هوية الكاتب، للمساعدة في تضمين أو استبعاد المشتبه بهم من التحقيق

ياقات بيضاء. حبر وورق ومطبعة. دولارات مزيفة. تمكنت القوى الأمنية من ضبط المتهمين وعرضهم على النيابة العامة التي تولت التحقيق. ومن الطبيعي أن تتجه الأنظار في هذه القضايا إلى فرع كشف التزوير في المباحث العلمية. مُسلّحين بتكنولوجيا متطورة وبدقة عالية، يمكن لخبراء الخطوط استخراج وفرة من التفاصيل والمعلومات الهامة من الوثائق المتعلقة بقضية جنائية أو مدنية. من كتب رسالة الانتحار؟ هل التوقيع على عقد البيع مزوّر؟ هل هذا التوقيع الصحيح للمتوفي على الوصية؟
غالباً ما يرتبط الكشف على المستندات بجرائم أصحاب الياقات البيضاء، مثل تزوير الشيكات والعملات. بالإضافة إلى ذلك، يجري استخدام هذا الاختصاص من المباحث العلمية في قضايا أخرى، من تزوير اللوحات الفنية إلى سوء الممارسة الطبية، إلى قضايا الانتحار وجرائم القتل. فقد أدّى التطور التكنولوجي وتوفر برامج الكمبيوتر (Adobe, Photoshop,… ) إلى تسهيل مهمة المجرمين في تقليد جميع أنواع الوثائق والتلاعب بها من العقود إلى العملة.
تعتمد التقنيات والأدوات المستخدمة في فحص الوثائق على مبادئ الكيمياء والفيزياء. عادة، يُجهَّز فرع كشف التزوير في المختبرات الجنائية بأجهزة التصوير الرقمي والمجاهر ومصادر الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء. بالإضافة إلى المعدات المتخصصة، أهمها أدوات تحليل الفيديو وجهاز الكشف الكهروستاتيكي EDD للكشف عن الانطباعات والعلامات غير المرئية في الورق. أضف الى ذلك، المواد اللازمة للتحاليل الكيميائية المتخصصة في تحليل الحبر.
مبادئ فحص الوثائق
يعمل خبراء الخطوط إما خبراء محلّفين لدى المحاكم ويُجرى تعيينهم من قبل النيابة العامة والقضاة، أو جزءاً من المباحث العلميّة التّابعة للشرطة القضائيّة في قوى الأمن الداخلي. غالباً ما يتعامل الخبراء مع أسئلة تتعلق بصحة المستندات، لتحديد ما إذا كان المستند أصلياً، وللتحري عن أية تعديلات على النص الأصلي، كالحشو والمحو والإضافة واستبدال الصفحات. يقوم الخبير بدراسة الأساليب والأدوات التي أنشأت المستند، فقد يكشف الحبر والورق والطوابع والأختام المستخدمة في إنتاج المستند عن أدلة مهمة، فيقدّم معلومات مهمة لتحديد أو تضييق المصادر المحتملة للوثيقة المطعون بصحتها.
ومن خلال استخدام التصوير بالأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء على موجات مختلفة، يمكن للخبير اكتشاف التعديلات غير المرئية للعين والكتابة التي أُضيفت بحبر مختلف، استناداً إلى المنطلق العلمي، بما أن الأحبار المختلفة تستجيب لأطوال موجية مختلفة.
ومن خلال استخدام التصوير بالأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء على موجات مختلفة، يمكن للخبير اكتشاف التعديلات غير المرئية للعين والكتابة التي أُضيفت بحبر مختلف، استناداً إلى المنطلق العلمي، بما أن الأحبار المختلفة تستجيب لأطوال موجية مختلفة. أمّا في الحالات التي تنطوي على الكتابة اليدوية، يمكن للخبير المساعدة في تأكيد من كتب الوثيقة وتضمين أو استبعاد المشتبه بهم من التحقيق.
تستند المضاهاة والمقارنة بين الكتابة اليدوية والتوقيعات، إلى مبدأين رئيسين: (1) الكتابة اليدوية فريدة (unique)، فلا يُظهر كاتبان سمات خط يدوية متطابقة؛ (2) لكل شخص مجموعة من الاختلافات الطبيعية في كتاباته/تواقيعه.
بعد أن يحصل الخبير على مواد مقارنة كافية ودقيقة، يجري الاختبارات بشكل منهجي مع متابعة الدراسة الكاملة، والمقارنة بين التوقيعات الحقيقية، ثم يعمد إلى تتبع مميزات التواقيع الصحيحة لتحديد واستنباط تفاصيل معينة عن التواقيع الحقيقية، مثل جرات القلم وضغطات الحبر. ثم يقارن الخبير بين التوقيع المتنازع عليه والتوقيعات الحقيقية، وهذه المقارنة تنتقل من العناصر العامة إلى التفاصيل، وبتقدير ومناقشة جميع العوامل الموجودة، وأهمها طريقة مسك أداة الكتابة التي تعكس هوية الكاتب.

خبير الخطوط
شخص متخصص بالعلوم الجنائية يتمتّع بخبرة عمليّة في الخطوط والتقنيات العلميّة المختلفة التي تستخدم في معاينة ومقارنة المستندات والوثائق بهدف كشف الاحتيال والتزوير. يجب أن يخضع لتدريب عمليّ منظّم لسنوات في مختبر جنائي متخصّص. بالإضافة إلى ذلك، عليه اجتياز اختبارات خطيّة وشفهيّة وعمليّة تُثبت أهليته، للتمكن من مزاولة المهنة.
أمّا في لبنان، لا توجد معايير تُحدد المؤهلات العلمية لخبير الخطوط، أو أنواع الاختصاصات وعدد سنوات الخبرة المطلوبة . ولا يوجد مقياس واضح لـ «خبرة» الشخص في العلوم التخطيطيّة، وفي تدقيق الخطوط والتواقيع والبصمات. يضمّ هذا المجال أشخاصاً من خلفيات ومجالات مختلفة، منهم خطّاطون، وأساتذة في كليات الفنون، ورسامو كاريكاتور، ومنهم من أنهى دورات تدريبية تدوم بضعة أيام فقط أحياناً.
سنة 2019 ، أُسست نقابة «خبراء تدقيق الخطوط وكشف التزوير». النقيب الحالي هو أنطوان غانم، الرسام الكاريكاتوري، الذي تخرّج باختصاص هندسة داخلية مع دراسات عليا في فنون التخطيط والإعلان. تضمّ النقابة خبراء مدنيين فنيّين، وخطّاطين، وأكاديميّين، بالإضافة إلى خبراء في الأدلة الجنائية.

يحاول الخبراء كشف التزوير والخداع والممتلكات المسروقة، فتُكتشَف الجريمة عندما تختلف المواد أو الأسلوب الفني للفن المشتبه تزويره عن الأصل. في بعض التحقيقات، يمكن استخدام مجاهر دقيقة لاكتشاف صبغة طلاء أو مادة كيميائية معينة في اللوحة لم تكن لتستخدم مطلقاً في وقت النسخ الأصلية. ويُعثَر أحياناً على ألياف صناعية في العمل الفني، ما يكشف عن دليل على أنها أُنجزت مؤخراً.
احتيالًا كان الفن أو أصيلاً، التحقيق الجنائي للفن فنٌّ في حد ذاته. يجب أن يكون الخبير على دراية بأساليب الفن والتقنيات الجنائية. إنه حقاً يتعلق باكتشاف فن الخداع.
1
نماذج الاستكتاب
كتابات أملاها الخبير على الكاتب، خلال جلسة الاستكتاب حسب معايير وبروتوكول علمي دقيق.
2
العينات الصحيحة
كتابات/ تواقيع صحيحة للكاتب أُنشئت قبل التحقيق. يحصل الخبير على هذه المستندات القانونية الموقعة من الدوائر الرسمية ككتاب العدل، الوزارات، المصارف وغيرها.
