«لست من دُعاة إلصاق صفة المقاومة بالأدب. فالأدب كي يكون أدبًا، لا يستطيع أن يكون إلّا ابنًا لزمنه وجزءًا منه. إنه لا يعكس الواقع بل هو أحد أطرافه، إنّه لغته...».
إلياس خوري، زمن الاحتلال، 23 كانون الثاني 1983.
1- كتاب «زمن الاحتلال» للكاتب اللبناني إلياس خوري («مؤسسة الأبحاث العربية»، 1985).
«زمن الاحتلال، هو زمن المقاومة أيضًا، والمقاومة التي وُلدت في بيروت...».
يضم الكتاب مجموعة مقالات نُشرت في جريدة «السفير»، وهي شهادة حيّة على مرحلة عصيبة عاشها لبنان إبان عدوان الاحتلال الإسرائيلي عام 1982. يذكر خوري في مقدمة الكتاب: «حين تجتمع المقالات في كتاب "زمن الاحتلال" فإنها تطمح أن تكون جزءًا من سيرة المقاومة الوطنية، ومحاولات كسر الظلام الذي فرضه الاحتلال على الوعي».
تناولت المقالات عناوين عدّة، كانت تندرج في نهايتها تحت عنوان واحد كبير: الأشكال الحقيقية لمقاومة الاحتلال. وفي مقاله «تفاؤل الإرادة»، في 2 نيسان 1983 (ص.42)، أكد خوري على أن «الأولوية المطلقة هي أولوية مقاومة الاحتلال. كل أولوية أخرى هي مجرد وهم وابتزاز».
2- «بيروت مدينتي» كتاب للسياسي الفلسطيني بسام أبو شريف («دار رياض الريّس للكتب والنشر»، 2010).
سلّط أبو شريف في كتابه الضوء على أحداث كانت خفية حصلت خلال الحصار الإسرائيلي لبيروت، شارحًا تفاصيل أعمق بحكم موقعه القيادي آنذاك في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبوصفه مستشارًا للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. لم يخفِ حبّه لبيروت، وارتباطه القوي بهذه العاصمة الصامدة، وقد أورد في الاهداء إلى نجله وكريمته:
«إلى كرمة وعمر.. هذه بيروت التي احتضنتني وأعشقها».
يشرح أبو شريف عن «بيروت مدينتي» بأنّه «كتاب يسجّل ذكريات عشرين عامًا من حياتي، فبدت الذكريات وكأنّها مذكرات. إنّها قصتي مع الحياة والموت. والكتاب يسجل حواري معهما… علمتني بيروت كيف انتصر للحب وأهزم الموت… بيروت كانت بداية الحياة... وستبقى لتُعلّم الذين سيرون النور أن لا قيمة للإنسان دون حريّة، ودون الانتصار لها حيثما حوصِرت».
3- «تحت الحصار: صناعة القرار في منظّمة التحرير الفلسطينية خلال حرب 1982» للمؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي («مؤسسة الدراسات الفلسطينية»، 2018).
يُقدم الخالدي في هذا الكتاب رواية تاريخية لشاهد عيان على الحرب الإسرائيلية الخامسة في لبنان، مستخدمًا وثائق من الأرشيف الفلسطيني، ومقابلات مع قيادات عربية وفلسطينية، ومع دبلوماسيين غربيين. كما يدرس علاقة منظمة التحرير الفلسطينية بلبنان عام 1982 وبيروت بشكل خاص، ليستعرض لاحقًا وضع بيروت تحت الحصار، وأسباب تحرّك قوّات الاحتلال الإسرائيلي باتّجاه جنوب لبنان.
4- «عن أمل لا شفاء منه: يوميات حصار بيروت 1982» للكاتب والمؤرخ اللبناني فواز طرابلسي («دار رياض الريّس للكتب والنشر»، 2007).
«هذا الكتاب مهدى للأطفال، كتبتُ فيه: على الحقد سوف ينمو أطفالنا..»
يوميّات تنقلك ببطء إلى السنة الأعنف في تاريخ بيروت، لتصبح وكأنّك جزءًا من الحصار؛ وصف طرابلسي الدقيق وتوثيقه للأحداث يجعلانك شاهدًا على العدوان وإجرامه والمجازر التي ارتكبها. كتاب مهم، يضبط ويوضح صورة أحداث الحصار المليئة بالتفاصيل، خاصّة بالنسبة إلى جيل الشباب الذين كانوا أطفالًا، إبان حرب 1982.
يشرح طرابلسي عن هذه اليوميّات: «بسبب عدوان صيف 2006، يكتسب نشر هذه اليوميات راهنية خاصة، وما من شك في أن القارئ سوف تغريه المقارنات بين التجربتين. وسوف يلقى في حرب 1982 تكرارًا لمشاهد ومواقع ومجازر شاهدها أو خبرها أو سمع عنها في صيف 2006. كأن الماضي يستبق الحاضر ويرهص به».
«لكل حدث خصوصيته وإن يكن يجمع بينهما تصاعد العدوانية الإسرائيلية وضراوة المقاومة اللبنانية ونجاحها في إحباط أهداف العدوان».
5- رواية «شرفة على الفاكهاني» للكاتبة الفلسطينية ليانة بدر («دار العلم»، 1983).
ثلاث روايات قصيرة، تحكي قصص أشخاص فلسطينيين عاشوا في مخيمات لبنان وعانوا بما فيه الكفاية من الحصار والمجازر والتعذيب، وبلا شك من فقدان الأحبة. تضم الروايات الثلاث: «أرض من حجر وزعتر»، «شرفة على الفاكهاني»، و«الكناري والبحر»؛ نبذة عن حياة الفدائيين والفلسطينيين في لبنان. من فترة إقامة الثورة الفلسطينية فيه إلى حرب إسرائيل الخامسة وعدوانها الـمستمر.
استطاعت ليانة بدر بأسلوبها الروائي المشبع بالمشاعر والحنين، أن تجعل من الذكريات المؤلمة سجلًا مدويًا يصعب محوه من الذاكرة.
في الرواية الثانية تحكي بدر عن البطلة «سعاد» كيف اضمحلّ اندهاشها بلون البحر الأزرق في بيروت، وأضحت تشمّ فيه رائحة الموت: «كان للبحر رائحة تشبه الرجل الذي تعشقه، قطرات عرق، وأزهار ليمون وشفق مورد. صار للبحر رائحة سيارات الإسعاف الـمسرعة، صفيرها الـممطوط، أضواؤها الحمر التي تضيء أو لا تضيء».
6- رواية «أمر فظيع يحصل» للكاتب اللبناني زياد كاج («دار نلسن للنشر»، 2020).
يطلق كاج على مجزرة صبرا وشاتيلا، 1982، اسم «كربلاء الشعب الفلسطيني»، ويُشير إلى أنّ عنوان الكتاب «أمر فظيع» جاء من عدم تقبّله لفكرة أنّ هناك حتّى اليوم من ينكر وحشية هذه المجزرة وفظاعتها. هو الذي عمِل متطوّعًا في الدفاع المدني اللبناني إبان المجزرة، تأتي هذه الرواية من تجربته الشخصية ومشاهداته الحيّة. يذكر كاج: «اشتغلت باللحم الحي ورأيت الجثث المنتفخة التي يأكلها الدود، والأطفال والنساء المغتصبات… ويأتي اليوم من يحض على النسيان وتبرئة القاتل».
7- «الجراح تشهد: مذكرات طبيب في زمن الحصار- بيروت 1982» للطبيب والكاتب الفلسطيني فايز رشيد («دار العربية للعلوم ناشرون»، الطبعة الثانية، 2015).
يقول الكاتب الذي أمضى الحرب في معالجة المصابين الذين نقلوا إلى مستشفى غزة ومدرسة هايكزيان التي حُوّلت، كميثلاتها من المدارس البيروتية، إلى مستشفى ميداني: «أوجعتني حدود الافتراش للعقل والقلب، تلك المعاناة الماثلة أمامي حتى اللحظة في عيون الأطفال والنساء والشيوخ والعديد من الشباب الجرحى من ذوي الإصابات المختلفة، ممن رأيتهم رؤية العين، بفعل البشاعة في الجرائم والمذابح والاعتداءات... كان لا بدّ من التعبير عن هذه المعاناة ونقلها إلى القرّاء، وهكذا ولدت فكرة الكتاب». ويتابع رشيد في مقدمة الكتاب: «الشهادات الواقعية الحيّة التي يتعرض لها هذا الكتاب، تعتبر دليلًا جديدًا يضاف إلى سلسلة الجرائم التي ارتكبتها إسرائي" (منذ إنشائها) بحق شعبنا الفلسطيني وعموم جماهيرنا العربية، تُبين لنا بوضوح كامل الجوهر الحقيقي للحركة الصهيونية... عمادها الأساسي هو العنف والقتل والتدمير والنهب والتشريد».
8- «قصة الموارنة في الحرب: سيرة ذاتية» للسياسي اللبناني جوزيف أبو خليل («شركة المطبوعات للتوزيع والنشر»، 1990).
يذكر أبو خليل في مقدمة الكتاب بأنّ الغرض من فصوله ليس استعراض ما حدث وإطلاق الحكم عليه، بل مجرّد مراجعة لوقائع تجربته الشخصية التي قد تكون مفيدة لمن يقرأها، ومُساعدة على فهم الكثير من وقائع الحرب مع العدو الإسرائيلي، وتاريخ المنطقة.
على الرغم من أن رواية أبو خليل غير موثّقة وتعتمد غالباً على الذاكرة، وعلى الرغم من محاولاته إلغاء أو تمويه بعض الحقائق التاريخية المعروفة، وبغض النظر عن الآراء الشخصية المذكورة، تبقى هذه السيرة شهادة غنية بالمعلومات عن فترة دقيقة من تاريخ لبنان (1975-1988).
9- «بيروت 1982: اليوم -ي-» للناشر والمؤلف عدلي الهواري («دار عود الند»، طبعة ثانية، 2018).
يُعنى الكتاب بأهم الأحداث فلسطينيًا ولبنانيًا عام 1982، وقد قدّم إضافة جديدة في الطبعة الثانية، متناولًا زاوية مختلفة، وهي الاتصالات الفلسطينية - الأميركية أثناء الغزو، ودعم روايته بنشره لوثائق ومقتطفات من شهادات منشورة لشخصيات ذات علاقة بالاتصالات الفلسطينية – الأميركية، تُمكّن المهتمين من فهم الأحداث الموازية التي جرت في الكواليس باستخدام مصادر أولية، وليس تقارير إخبارية أو روايات شخصية حولها. كما يناقش الهواري مسؤولية الضمانات المتعلّقة بحماية المدنيين الفلسطينيين، وخاصّة بعد وقوع مذبحة صبرا وشاتيلا.
10-«الحرب المضلّلة: حرب إسرائيل في لبنان» للصحفيين الإسرائيليين زئيف شيف وإيهود ياري («دار المروج»، 1985).
تضمّن الكتاب العديد من الوثائق والحقائق - كما سمّاها المؤلفان - ومنها وثائق كانت سرّية. كما عرضا أسماء لشخصيات كان لها دور كبير في الأحداث خلال الحرب، لكنّها لم تُذكر بأسمائها الحقيقية بسبب الرقابة. ويذكر المؤلفان أيضًا أنهما حظيا بمساعدة من قبل جيش الاحتلال، ما يعني أن ما ورد في هذا الكتاب من أحداث وحقائق كان نقلًا عن رواية العدو، ومن وجهة نظره.
11- كتاب «يوميات حصار بيروت: صيف عام 1982 (الرحيل عن الخيمة الأخيرة)» للكاتب الفلسطيني جميل هلال («حيفا: مكتبة كل شيء»، 2017).
تأتي اليوميات كوثيقة تاريخية مُشبعة بالمعاني الإنسانية الواقعية، كونها تُكتب تحت وطأة الحدث اليومي. يروي هلال في مقدمة الكتاب أنّ الدافع لكتابة هذه اليوميات تحت نيران المدافع والقصف المستمر، يعود إلى اعتبارين: الأول، للتواصل مع شخص آخر، يصفه هلال بـ «العزيز»، الغائب عنه أثناء فترة الحصار والبعد القسري. والثاني، لتتبّع أحداث الحصار من حيث تشديد الخناق على المدنيين والمقاومين عسكريًا وسياسيًا ودبلوماسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
كذلك كتب هلال منتقدًا المساعدات الأميركية بشدة أثناء الحصار: «الإدارة الأميركية تقرر منح 50 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان. عجيب أمر هذه الإدارة، تُغذّي الحرب والاجتياح بالسياسة والسلاح (وبالتالي بالقتل والتدمير) ثم تمنح المتضررين مساعدات (إنسانية)» (ص.49)
12- «ذاكرة للنسيان»
خواطر شعرية دوّنها محمود درويش أثناء مكوثه في بيروت ليروي أحداث الحرب فيها، وخاصّة «يوم هيروشيما» كما أورده، يوم 6 آب 1982، فقد شكّلت الحرب محطة تاريخية في حياته وأثارت مخيّلته، فقرر بعدها أن لا يكتب شعرًا بسيطًا، بل شعرًا بمستوى عالٍ يتناسب مع خصوصية هذه التراجيديا، وهو يستكشف شوارع بيروت التي دُمّرَت.
«نمتُ قبل ساعتين .. وضعتُ قطعتي قُطنٍ في أُذنيّ ونمت بعدما استمتعتُ إلى نشرة الأخبار الأخيرة، لم تقل إنّي ميّت، معنى ذلك أنّني حيّ».
ذاكرة كانت انعكاسًا ممتدًا للغزو وأبعاده السياسية والتاريخية، ولعالم تحكمه الحرب، والهدف منها توثيق الأحداث التي لا يمكن أن تُنسى مهما مرّت الأيام والسنين.
13-رواية «بيروت 1982» للكاتب اللبناني غسان شبارو («الدار العربية للعلوم ناشرون»، 2007).
«إلى كل من استشهد، إلى كل من أُصيب، إلى كل من تصدّى، إلى كل من صمد، إلى كل من عانى حصار بيروت في صيف العام 1982، أُسطّر لمحات من ملحمة بقاء سيدة العواصم».
بهذه الكلمات يفتتح شبارو روايته، هي رواية شبه واقعية في إطار خيالي، يتماهى أبطالها مع أحداث موثّقة كان لها تأثير على مسار تاريخ لبنان الحديث خلال الحرب الإسرائيلية الخامسة وحصار بيروت.
يصف شبارو حال أبطال روايته الذين تجمّعوا في ملجأ: «في ملجأ بناية وهبة تكتّلت الأجسام على بعضها البعض، وفاحت رائحة الأجساد التي لم تعرف طعم الماء منذ مدة طويلة، وارتفع بكاء الأطفال ممزوجًا بصوت انفجار القذائف المثير للأعصاب. رغم ذلك استَكَان اللاجئون للواقع وسلّموا أمرهم لله، بعد أن أصبحوا لاجئين في وطنهم».
كما يصف وحشية العدو وإصراره على إبادة المدنيين: «يدّعي الإسرائيليون أنهم أبرع مَن استخدم الطيران في إصابة الأهداف الأرضية الثابتة والمتحركة. ولكن زيارة واحدة إلى مستشفى البربير، تكشف أن المدنيين هم الأهداف التي يبرع الطيران الإسرائيلي في إصابتها أكثر. قسم الطوارىء تحوّل إلى ما يُشبه المسلخ البشري..» (ص.17)
وما بين الوثائق والوقائع التاريخية، وحكايات الروايات الخياليّة، وبَوح الكتّاب، ثمّة سيل من الدماء، خاصة عند الحديث عن معارك ومجازر لا تزال حاضرة في الأذهان.