يمر لبنان حالياً بواحدة من أقسى الحروب مع العدو الإسرائيلي، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلاد. تتسبب هذه الحرب بكارثة إنسانية تتجلى في النزوح الجماعي من المناطق المتضررة إلى أماكن أكثر أماناً. تشير المصادر اللبنانية إلى نزوح أكثر من مليون شخص، حيث شهد الأسبوع الأخير من أيلول 2024 وحده نزوح أكثر من نصفهم. في ظل هذه الظروف الصعبة، يصبح توفير الغذاء أحد أهم مقومات الصمود للنازحين، حيث يسعى الجميع إلى تلبية احتياجاتهم الأساسية في ظل انعدام الأمان والاستقرار.
انطلاقاً من هنا، من المهم جدًا اتباع الإرشادات والتوصيات العالمية عن كيفية الاستجابة في حالة الطوارئ. أولاً، من الضروري التنسيق التام محلياً وإقليمياً على صعيد الجمعيات والمبادرات، من خلال المحافظة والبلدية وخلية إدارة الأزمة المنسقة مع السلطة المحلية في كل منطقة ومع قطاع الزراعة والغذاء، وذلك لتفادي تقديم الخدمات نفسها لنفس الأفراد أو المراكز، وتغطية النقص لأقصى حد ممكن.
يكون التدخل بالمساعدات الغذائية على عدة مستويات، وهي كالتالي: وجبات جاهزة للنازحين في أماكن النزوح حيث تكون عملية الطبخ غير ممكنة بسبب غياب أو صعوبة التجهيز، حصص غذائية للنازحين القاطنين في أماكن مجهزة كلياً أو جزئياً للطبخ، حصص من أصناف جاهزة للأكل، أصناف طازجة من الخضار والفواكه، أو مساعدات نقدية تمكن الأشخاص من شراء الغذاء بأنفسهم.
من الجيد تقديم وجبات باردة أو ساخنة للنازحين المتواجدين في مراكز نزوح جماعية كالمؤسسات التعليمية أو الغرف المؤمنة من خلال البلدية، حيث تكون مقومات الطبخ محدودة أو غير موجودة. ومن هذا المنطلق، يجب على الأفرقاء توفير وجبتان للنازحين ما يشمل وجبات ساخنة أو باردة بالاضافة الى وجبة خفيفة لتأمين الوحدات الحرارية للشخص الواحد الذي تعادل حوالي 2100 وحدة حرارية. في حال توفر الموارد المادية يجب تأمين 3 وجبات للتأكيد على توفير الطاقة اللازمة خاصة للأشخاص المتواجدين في مراكز الايواء الغير مجهزة أبداً بمعدات طبخ.في حال عدم القدرة على توفير كمية الطاقة اللازمة يمكن الاستعانة بالأصناف الجاهزة للأكل.
على سبيل المثال يمكن تأمين فطور مكون من منقوشة جبنة أو زعتر أو رغيف خبز عربي مع لبنة أو جبنة أو كعكة عصرونية مع جبنة مثلثة بينما يكون الغداء مكون من طبق رئيسي غني بالبروتين النباتي كالبازيلا و الفاصوليا و الفول و الحمص (أو الحيواني اذا توفر). من أصناف الغداء التي يمكن اعتمادها المجدرة الصفرا،مدردرة الرز،مدردرة البرغل،يخنة الفاصوليا أو البازيلا أو الفول بدون لحمة مع رز،رز عحمص،برغل عحمص،كبة العدس،معكرونة مع الصلصة،شوربة الخضار و العدس،الخ.أما بالنسبة للعشاء فيمكن اعتماد أصناف سهلة التحضير مثل الخبز (افرنجي أو عربي) مع لبنة،جبنة بيضاء، مرتديلا أو زعتر مع اضافة بعض الخضار في حال توفرها).لتسهيل الأمور و التفاصيل اللوجستية،يجب توزيع أصناف جاهزة للأكل مثل ربطات خبز عربي أو افرنجي مع علب مربى، جبنة مطبوخة ،تونة،سردين ليتسنى للنازحين تحضير الوجبات عند الحاجة أو الجوع.
يمكن توزيع كميات كبيرة من الطعام الجاف على المطابخ الخيرية التي تساعد في تغذية النازحين، وللنازحين المتواجدين في شقق سكنية أو مراكز نزوح جماعية حيث تكون مقومات الطبخ موجودة. ومن أصناف الطعام التي يجب وضعها في الحصص الغذائية، أو ما يُعرف بـ "كرتونة المونة"، هي التالية: أرز (3 كغ)، عدس (4 كغ)، برغل (3 كغ)، معكرونة (4 كغ)، حمص (1 كغ)، فاصوليا (1 كغ)، تونة معلبة بالزيت (1.28 كغ)، زيت نباتي (1.84 ليتر)، ملح (500 غ)، شراب بندورة (400 غ)، وسكر (1 كغ). يتوقع أن تكون الأصناف والكميات المذكورة أعلاه تكفي عائلة مؤلفة من شخصين لمدة 15 يوماً.
كما يمكن توزيع حصص الطعام الجاهز للأكل (لا تستدعي وجود تجهيزات للطبخ) لدعم التغذية خاصةً في الأماكن غير المجهزة للطبخ. لذلك، يمكن الاستعانة بالحمص المعلب (3)، حمص بطحينة (1)، فول مدمس معلب (3)، تونة معلبة (4)، سردين معلب (2)، شراب بندورة (1)، طحينة (1)، جبنة مطبوخة (1)، سكر (1)، وشاي (1).
وفقًا للإرشادات المتبعة عالميًا والسياسات الحكومية ذات الصلة، يُنصح جميع أصحاب المصلحة كالجمعيات وأصحاب المبادرات بعدم الدعوة إلى أو دعم أو قبول أو توزيع تبرعات بدائل حليب الثدي (بما في ذلك حليب الأطفال) أو منتجات الحليب الأخرى، أو الأطعمة التكميلية، أو معدات التغذية (مثل الزجاجات والحلمات). من الصعب إدارة هذه التبرعات، وغالبًا ما تكون غير مناسبة أو مستخدمة بشكل غير صحيح، مما يؤدي إلى زيادة الأمراض المعدية، مما يعرض حياة الرضع الذين يرضعون من الثدي وغير الرضع للخطر. لذلك يجب التدقيق مليًا في تفاصيل تغذية الطفل وظروف الإيواء. في حالات الطوارئ مثل الوضع الذي نمر فيه حاليًا، من الضروري التشجيع على الرضاعة الطبيعية ودعم الأم المرضعة للحفاظ على حليب الثدي، وتوفير بيئة حاضنة، وتوفير مستشاري رضاعة للمساعدة. يجب تجنب إدخال الحليب الصناعي، حيث إن الحليب المجفف إذا استخدم مع مياه غير صالحة يمكن أن يسبب أمراضًا والتهابات قد تنتشر بسرعة في ظل الاكتظاظ والظروف الصحية غير الملائمة للنازحين.
أما بالنسبة للأصناف الطازجة، يُنصح عادةً بتوزيع 8 كغ من الخضار في الأسبوع و6 كغ من الفواكه في الأسبوع لكل عائلة مكونة من 5 أفراد، وفقا ً لإرشادات سلة الخضروات والفواكه الطازجة من قطاع الأمن الغذائي والزراعة في لبنان. و نظراً إلى سياق وضع الطوارئ والإغاثة، يُنصح بعدم تجاوز 50% من التوصيات أعلاه، حيث تعتبر المساعدة مكملة للطرق الأخرى المؤمنة للمساعدة الغذائية. و من المهم جدًا تقديم أصناف الخضار والفواكه الطويلة الأمد مثل الخس، الملفوف، البندورة، الخضار الورقية الخضراء (سبانخ، سلق، بقدونس، وغيرها)، الجزر، البصل، اليقطين، الفليفلة، الباذنجان، الكوسا، الحامض، التفاح، الموز، الليمون،الخرمة، الخ.
ومن المهم جداً التشجيع على شراء للخضار والفواكه والمونة البيتية من المزارعين والتجار المحليين.
وعليه من خلال مكونات حصص الطعام من المساعدات، يمكن تحضير الأصناف التالية: أرز وفاصوليا، مجدرة صفراء، معكرونة بصلصة البندورة، معكرونة بالخضار ، رز بخضار، كشري، برغل بحمص، مدردرة العدس، مدردرة البرغل، يخنة الفاصوليا، أرز وحمص بصلصة البندورة، شوربة العدس مع الأرز، شوربة الخضار و الحبوب، وغيرها.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتماد التوزيعات النقدية للنازحين وذلك بشرط توفر شروط معينة كتوفر الأسواق القريبة، توفر المواد الأولية، وعدم وجود خطر في التنقل. وعليه، يجب توفير اتفاقيات مع أسواق أو تعاونيات معينة، وتوفير بطاقات أو قسائم لتأمين الاستجابة السريعة. ومن المهم جدًا تحديد الأصناف التي يمكن شراؤها من التعاونية لتجنب شراء الأصناف غير المناسبة في مثل هذه الظروف، وضمان تلبية الاحتياجات الأساسية ومقومات الأمن الغذائي.
في هذا الوضع أيضاً، يُنصح بنشر التوعية بالتغذية وسلامة الغذاء والطرق المثلى في الإعداد، والاستخدام، والحفظ. يمكن أن تشمل التوعية أيضًا تطوير وصفات تشمل الأنظمة الغذائية المتوازنة وخيارات إدخال الطعام الصلب للأطفال بدءًا من عمر 6 أشهر.
ان تقديم الدعم الغذائي للنازحين في لبنان يمثل ضرورة ملحة تتطلب التنسيق بين مختلف الجهات المعنية. من خلال اتباع الإرشادات العالمية وتطبيق استراتيجيات فعالة، يمكن تحقيق استجابة إنسانية شاملة تلبي احتياجات النازحين وتساعدهم على تجاوز هذه الأوقات العصيبة. إن تعزيز الوعي بأهمية التغذية السليمة وتوفير بيئة داعمة للأسر النازحة، يساهمان في الحفاظ على صحتهم و رفاهيتهم و كرامتهم في مواجهة التحديات.لا شك، هناك تحدٍ في تحقيق المعايير الدولية بالنسبة لحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والأمن الغذائي للنازحين في فيما يتعلق بنقص الموارد، خاصةً أن هذه الحرب تأتي في أوج الأزمة المتعددة الأبعاد التي يعاني منها لبنان من حيث الاقتصاد، السلم الأهلي، السياسة، الخ. لذا، يجب على المجتمع المحلي والدولي العمل معًا لضمان توفير المساعدات اللازمة بالنوعية والكمية، وتمكين النازحين من بناء مستقبل أفضل في ظل الأزمات.