Novembre
تشرين الثاني
21
2024
21
- تشرين الثاني
- 2024
القضية المركزية
متابعة
15-10-2024
 
هل القرار 1701 هو لمصحلة لبنان ؟
  لونا فرحات  

صدر القرار 1701 عن مجلس الأمن في 11 آب 2006 بهدف انهاء الحرب التي استمرت 34 يوما  بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الاسلامية في لبنان (حزب الله) في جنوب لبنان .  و ينص القرار  على الاحترام التام للخط الأزرق من جانب كل من لبنان والعدو الاسرائيلي، وعلى "اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، والتنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من  اتفاق الطائف والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006)، والتي تتطلب نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أسلحة أو سلطة في البلاد غير سلطة الدولة اللبنانية. و على إنشاء منطقة بين "الخط الأزرق" ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان". وتؤكد اليونيفيل ان أي عبور للخط الأزرق من قبل أي جانب يشكل انتهاكا لقرار مجلس الامن 1701.  يطرح هذا المقال تساؤلات حول كيفية تنفيذ القرار 1701 على نحو يحقق مصلحة لبنان أولا ويضمن أمن وسلامة القرى الحدودية اللبنانية من اعتداءات  العدو الإسرائيلي.

إن لبنان هو في موقع دفاعي وليس هجومي ، ولا يكفي أن يتلقى الجيش الوطني المعونات والهبات من الدول المختلفة بل لابد من أن تخصص له ميزانية استثنائية ليقوم بواجبه الوطني في وجه العدو الصهيوني

من يضمن التزام إسرائيل بالقرار 1701 ؟ 
 هناك من يعتبر أن القرار 1701 هو لصالح لبنان وأنه  مفتاح للسلام في المنطقة. لقد صدر القرار ضمن الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، أي أن تنفيذه يقع على عاتق الأطراف المعنية من دون أن تتوافر آلية دولية لتنفيذه بالقوة. من اللافت أن إسرائيل تطالب بتنفيذه وهذه  سابقة تاريخية في حياة الكيان المؤقت الذي لم يطبق أي قرار أممي منذ 1948.  فمضمون القرار لو طبق كما هو  بالتأكيد سيكون لصالح إسرائيل وليس لبنان. فالكيان الصهيوني يسعى إلى نزع السلاح المقاوم ويجعل من المنطقة الحدودية خالية من أي تواجد فعّال للمقاومة.   وبالعودة إلى بنود القرار 1701 فقد جاء خاليا من أي آليات محددة  لصد او منع أي انتهاك من قبل العدو الإسرائيلي .   السؤال هنا  ماذا لو إسرائيل استمرت  في  خرق الخط الأزرق   وتوغلت إلى المناطق الحدودية،  من سيضمن سلامة هذه القرى اللبنانية  المتاخمة لحدود فلسطين المحتلة؟


ضمانات التنفيذ الكامل للقرار 1701 
من الثابت  أن  مجلس الامن  لن يستطيع تعديل القرار  ليصبح تحت الفصل السابع، نظرا إلى وجود دول لديها حق الفيتو. فما هي الضمانات المتوافرة بيد الدولة اللبنانية لكي يطبق القرار على نحو يضمن مصلحة لبنان ويحميه من أية اعتداءات إسرائيلية مستقبلية.  
 أولا:  تسليح الجيش اللبناني تسليحا مناسبا  لحماية الحدود اللبنانية الجنوبية في مواجهة اية خروقات إسرائيلية او تهديدات فليس المطلوب منه فقط مراقبة الحدود . إن لبنان هو في موقع دفاعي وليس هجومي ، ولا يكفي أن يتلقى الجيش الوطني المعونات والهبات من الدول المختلفة بل لابد من أن تخصص له ميزانية استثنائية ليقوم بواجبه الوطني في وجه العدو الصهيوني .  على  الحكومة اللبنانية، أن تمارس سيادتها وحقها في الدفاع المشروع عن لبنان في  تجهيز وتزويد الجيش الوطني  بأسلحة وذخائر دفاعية تتناسب مع حجم التهديدات الإسرائيلية العدوانية ،وهو حق مشروع لا يمكن التنازل عنه او المساومة عليه، يضمنه الدستور اللبناني والقانون الدولي. 


 ثانيا: منطقة منزوعة السلاح  متاخمة للحدود اللبنانية 
منذ بدء تنفيذ القرار قبل 17 عاما واظبت القوات الإسرائيلية  المحتلة على خرق السيادة اللبنانية (الخط الأزرق) على نحو يومي متجاهلة كل الشكاوى التي تقدم بها لبنان إلى الأمم المتحدة . مما يعيد إلى الواجهة طرح مفاده أن تتراجع إسرائيل عدة كيلومترات عن الحدود اللبنانية أي أن تنسحب القوات الإسرائيلية المحتلة من جهة الشمال  لانشاء منطقة منزوعة السلاح أيضا مساوية للمنطقة المنزوعة السلاح على الجانب اللبناني . وأن تنتشر قوات اليونيفيل على جانبي الحدود  لرصد اية انتهاكات  من الجانب العدو الإسرائيلي من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة . لا يمكن أن تُفرض على جانب واحد منطقة منزوعة السلاح دون أن يُطلب من الطرف الآخر الامر نفسه فهذا ما تقتضيه قواعد العدالة والانصاف.  
ثالثا: استرجاع الأراضي اللبنانية المحتلة 
دعا وزير الخارجية اللبناني إلى حزمة شاملة لتطبيق القرار 1701 تتضمن انسحاب من المناطق المحتلة في لبنان ووقف الخروقات البرية والبحرية والجوية . فما هي الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي؟ 


1-  القرى السبع  
استرداد القرى اللبنانية التي تحتلها اسرائيل وتحديدا القرى السبع وهي ابل القمح ،طبريخا،صلحا،قدس وهونين ،المالكية ،النبي هوشع . ان الخرائط اللبنانية تُجمع على لبنانية القرى السبع وعلى رأسها خرائط مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني .  ويرى البعض أن القوانين الإدارية  لعام 1920 لا سيما قرار الجنرال ساراي الفرنسي رقم 3066 تؤكد لبنانية هذه القرى .  ومعظم سكان هذه القرى حاليا موزعون على مناطق جنوبية عدة من بينها مثلا أبناء بلدة هونين في بلدة دير الزهراني، أبناء طبريخا في المعشوق، أهالي صلحا في بئر حسن في بيروت وبلدات أخرى في حاروف وعدلون والبرج الشمالي ومعظمهم يحملون الجنسية البنانية منهم من ورثها من دولة لبنان الكبير ومنهم من نالها عام 1960 ومنهم من نالها وفق مرسوم التجنيس في تسعينيات القرن الماضي.   


2- الـ13 نقطة 
  منذالانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، تحفظ لبنان على عدة نقاط لم تدخل ضمن الحدود اللبنانية. لقد آن الاون اليوم أن يتم استعادة كل النقاط الـ13 التي تحفظ عليها الجانب اللبناني . الخط الأزرق ليس حدودًا تفصل بين لبنان وإسرائيل، إنما خط انسحاب رسّمته الأمم المتحدة في العام 2000 تاريخ انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان .فحدود لبنان مع فلسطين رسّمت عام 1923، خلال فترة الانتداب الفرنسي والبريطاني للبلدين، وأودع اتفاق الترسيم في عصبة الأمم، وتم تكريسه في اتفاقية الهدنة عام 1949 بعد نكبة فلسطين.   وتقدر المساحة الإجمالية التي قد تعود للبنان في حال تثبيت النقاط الخلافية بأكثر من 485 ألف متر مربع. ومن أبرز النقاط الخلافية الجانب المتعلق بقرية الغجر، التي يقسمها "الخط الأزرق" إلى قسمين، علمًا أن الجزء الشمالي منها ليس إلا الجزء الجنوبي من بلدة الماري اللبنانية.


3- مزارع شبعا وتلال كفرشوبا  
احتلت اسرائيل   المزارع على مراحل في الأعوام 1967 و1982 و1985 و1989 معتبرة اياها تابعة لسوريا وفقا لإتفاقية فض الإشتباك بين سوريا واسرائيل. ووفقا لخريطة وضعتها السلطنة العثمانية تشير إلى أن المزارع تتبع قضاء حاصبيا وتشكل مع بلدة شبعا نطاقا واحدا يدعى خراج بلدة شبعا ولهذا عندما انشئت دولة لبنان الكبير جرى ضم هذا القضاء بكامله ومن ضمنه المزارع الى الدولة العثمانية . وورد أيضا في محاضر لجان ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا في العامين 1934 و 1946 أن هذه المزارع هي أرض لبنانية. وقد اصبح هذان القراران نافذين استنادا الى نص القرار 27 RL  35.  كما ان أعمال ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا الذي قامت به اللجان المشتركة من البلدين قررت أن هذه المزارع هي لبنانية.  أيضا ووفقا لخارطة فرنسية للعام 1932 يتبين ان منطقة المزارع هي جزء من لبنان  . وعندما ارسلت الأمم المتحدة في العام 2000 بعثة خاصة لرسم الحدود الجنوبية لتحديد خط انسحاب القوات الإسرائيلية ما نتج عنه ما سمي «بالخط الأزرق» الذي ابقى المزارع والتلال داخل اسرائيل وقد رفضه لبنان وما يزال لأنه حرمه مساحة كبرى من ارضه واستمر متمسكا بخط الهدنة سيما وأن تصريحات المسؤولين في الحكومة السورية كرروا قولهم أن الأرض هي لبنانية وليست سورية. أما مرتفعات كفرشوبا فقد احتلتها اسرائيل من الجهة السورية بحرب تشرين الأول 73  .  لتطبيق القرار 1701  على نحو يخدم مصلحة لبنان واستعادة سيادته الكاملة على أراضيه،  يتعين على العدو الإسرائيلي  الانسحاب من تلك الأراضي اللبنانية من دون قيد أو شرط. 

لتطبيق القرار 1701 على نحو يخدم مصلحة لبنان واستعادة سيادته الكاملة على أراضيه، يتعين على العدو الإسرائيلي الانسحاب من تلك الأراضي اللبنانية من دون قيد أو شرط

هل يحمي القرار 1701 جنوب لبنان من الحركة الاستيطانية القديمة -الجديدة ؟ 
اطلق الصهاينة  الإسرائيليون حركة استيطانية هدفها الاستيطان في جنوب لبنان(راجع عمر نشابه ،القوس، تحريض صهيوني لاعادة احتلال جنوب لبنان ،7/9/20224 )  فهو جزء من إسرائيل الكبرى التي يسعى نتياهو إلى تحقيقها . إن جنوب لبنان يمثل  شمال الجليل   بحسب سردية العدو التوراتية المُحرفة. وبحسب الكتابات الصهيونية حول هذا الموضوع ، فإن لبنان ليس بدولة حقيقية ولا وجود له وإن قادة الصهاينة في مراحل مختلفة اعترفوا أنه لا خيار  أمامهم لضمان أمنهم سوى غزو لبنان لذلك كانت عملية حيرام عام 1948 وعملية الليطاني عام 1978 وحرب لبنان الأولى عام 1982 مع حرب الشريط الأمني التي استمرت 20 سنة . كانت الحاجة الأمنية واضحة لغزو لبنان ولكن العدو الصهيوني اليوم يطرح تساؤلا لماذا انسحبت إسرائيل ولماذا لم تصمد في لبنان ؟ والجواب بالنسبة لهم لأن الجيش الإسرائيلي لم يتفاعل مع أرض لبنان على أنها أرض إسرائيل. تعتبر الحركة الاستيطانية لجنوب لبنان أن الشريط الحدودي الأمني لم يكن من الممكن الدفاع عنه فالأجدى اليوم أن يتم العمل على السيطرة على  جنوب لبنان الواقع جنوب الليطاني وإقامة مستوطنات يهودية مدنية.هذا سيكون حافزا لتفاني الجنود الذين سيقتحمون الجبل اللبناني لأن هذه السيطرة الإسرائيلية هي مفتاح الأمن الحقيقي الذي سينجم عنه النصر الفعلي. هذه النظرية تحدثت عنها الصحف الصهيونية من بينها هآرتس وحظيت الدعوات إلى الاستيطان في جنوب لبنان بدعم من أعضاء في الكنيست وبادرت شركات اسثتمارية  بالإعلان عن مشاريع استيطانية لمن يريد الاستيطان في جنوب لبنان تماما  كالمشاريع الاستيطانية التي انطلقت عقب العدوان الهمجي المستمر على قطاع غزة .  هذه الحركة الاستيطانية التي تسمى اوري تسافون  تستند على نصوص توراتية وتقتبس أسماء أماكن من نصوص التوراة لاثبات ان لبنان جزء من أرض الميعاد التي وردت في سفر التكوين. ورفعت الحركة راية خاصة بها تتوسطها شجرة أرز مزروعة في الارض تؤطرها نجمة داوود حيث يريد أعضاؤها غزو جنوب لبنان كخطوة أولى حتى حدود تركيا في الشمال والفرات بالعراق شرقا . هذه الحركة ليست جديدة بل سبقتها حركة غوش ايمونيم التي تدعو الى إقامة وطن اشير( أشير احد اسباط بني يعقوب) عام 1982 عندما اندلعت الحرب في لبنان . إسرائيل كيان استيطاني كان  مجرد اسطورة  وأصبحت واقعا  مرّا ومازال  مستمرا في طرح اساطير توراتية  ثم تتحقق، لماذا؟ لان الأوهام الاستيطانية تتبناها الحكومة الصهيونية وتصبح سياسة تنفذها بقوة السلاح وجرائم الإبادة والتهجير  تحت شعار " الدفاع عن النفس ".  خطورة هذا  الطرح أن خطط الاستيطان في الضفة الغربية بدت غريبة قبل 50 سنة والان تحققت رغم اتفاقات أوسلو والدعوات المتكررة لاقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة لعام 1967 ، بناء المستوطنات استمر في الضفة الغربية بالرغم من مخالفته لقانون الدولي  وتنديد  الأمم المتحدة  وعدم اعترافها بالمتسوطنات  بقرارات عدة وتحديدا من مجلس الأمن الدولي الذي رفض سياسة الاستيطان في الضفة الغربية وأقر بعدم شرعيتها. لا شيء يدعو الى الاستغراب اليوم من إعادة طرح حركات استيطانية، عينُها تتجه نحو الجليل  الشمالي (جنوب لبنان) ،ربما تتحول إلى واقع يوما ما. فهل القرار 1701 يحمي الجنوب اللبناني من الاستيطان الصهيوني؟ سؤال يوجه لمن يريد نزع سلاح المقاومة .